قصيده الشاعر خلف دلف الحديثي بعنوان بالأمس كنت

شفة الجراح من الجراح حيارى = وحروف شعري بالنزيف سكارى
وفمي تقطبه مآسي ليلتي = ودمي احتراق الروح في توارى
ويد السراب تريق لي كأس الضحى = فتزقني خمر التوهج (سارا)
فيرجني قلقي لأحلى لحظة = عاشت بأنفاس الشعور شعارا
وتريقني قدحا مراشف حلوتي = عند الغروب وتعزف الأوتارا
فبكل سانحة تكوّر لونها = وتهامست جذلى فكنت مزارا
أنا من جراح فيّ أعتصر اللظى = ويدي إليّ وما ادعيت حوارا
وبكل حرف كنت منك وكنتني = وبأنني قد صرت فيك هزارا
فتقافزت فوق الكروم بلابلي = وتناعست مقل الدجى استئثارا
بدمي أنا أشعلت نار حرائقي = وأنا صنعت من الحروف النارا
إحساس نفسي قد نظمت بحسه = واليك سحر القول حولك دارا
(سارا) وروحي غربة تشتاقني = فبما شعرت ملأتها الأحبارا
ستجيء عندك من يدي عصارتي = وفم الفرات لك الكؤوس أدارا
وأجيء همسا عند ليلك فانطري = وعدي هواك يسابق الأعطارا
فتشد نخلتنا بقايا ظلها = عند الضفاف تغازل السمارا
فيهش بستان السحاب يزورنا = ويمد في أفق الشفاه ثمارا
كنا مرايا الأمس فانكسر المدى = وغدت شظايا الأمنيات نثارا
كنا أراجيحا بحقل حضورنا = نعدو على طرق الغياب أسارى
يا قوتة كانت تغوص على فمي = يوما وتنشر سرها أسفارا
ما زلت أحلم بالوفا غيض الوفا = زمن التمدن وانتهى مشوارا
ما عاد قيس يجوب في فلواته = وله المضارب تقرأ الأشعارا
غيظ الوفا يا قيس صار حكاية = ويباع في سوق البغا استهتارا
فجمعت بين أنينه وحنينه = قلبي وأشعلني الحنين نهارا
الله يا بدوي فاحلم بالوفا = وعش الحياة كما ترى أدوارا
لله قلبك كم منحت لنبضه = من يبتغيه فجذه إنكارا
يكفيك انك واحد في عصره = جزت السحاب وفقتها الأقمارا
أنا آخر العشاق صرت بدفتري = وعرفت فيها الشاعر المهذارا
ما عاد قيس بيننا بجنونه = كلا ولا ليلى تموت مرارا
كنت الشذا وحدي ووحدي من لها = أشدو . والبسها الحروف سوارا
ما كنت أعرف أن قلبك كذبة = وبأنك الأنثى تجيد دوارا
وبأنها اخترقت جدار خواطري = ولها استدل المغرمون كثارا
وبأنها امتلكت نواصي قامتي = وتجذرت بين الضلوع شرارا
أنا مثقل بالهم صحراء غدي = ودمي الرماد على رمادي ثارا
فلئن نعيت نعيت أيام الوفا = وقد استحالت بالسراب مدارا
فحملت قلبي في وميض ترقبٍ = هدبا بأهداب السهاد أنارا
واها على أحلام روحي إنني = ما زلت انطر في الدجى الزوارا
مطرا تظن إلى تصحر أضلعي = تبقى وتحملني إلي جرارا
كنت الثمار وكنت جنة ادم = بل كنت للشعر الرصين مثارا
حتى انكسرتُ وعشت عصر توجعي = فذبحت بي لون الجمال مرارا
بالأمس كنت وكنت سيد وقتها = فنأت وزادت في الجفا إنكارا
أسفي علي ركضت خلف دليلتي = لتخطني بدم الغياب مسارا
تخذت ضلوعي سلما لجنونها = حتى تغازل وحدها الأطيارا
سألوم نفسي إن جنحت لمثلها = يوما واطعن خافقي إكبارا
والآن قد آمنت كل حكاية = تروى هنا فيها الضلال تبارى
وبان كل رواية شاعت هنا = كذبا تكون إلى الجميع مثارا
وبأننا الشعراء مكتوب لنا = من أن نعيش بحلمنا أحرار