مطــــــــــــــر السراب

مطر السراب

مطرُ السّرابِ على يديْكِ توارى

وإلى عيونِكِ كم عزفت مرارا

يتناثر الفيروز بين أصابعي

لأصوغه عقدا رقى وسوارا

لا بد مني في يديك تلمني

أجفان ليلي ومضة وحوارا

فأزف أنفاسي بكل حروفها

حتى تقبل ثغرك المعطارا

شفة الكؤوس إليك صارت للطلا

شفة . وداعبت العطور جهارا

أنثى مرايا السحر في حدقاتها

فتأرحجت عند المغيب سكارى

عينان أصفى من نجوم توجعي

تملي فراغ القلب فيَّ سِرارا

عينان غابات العبير تزورها

عطشا وتملأ بوحها أعطارا

ويؤمها سربُ الطيور بشدوها

وتريق في أقداحها الأنوارا

لا عاصما منها سوى حَرْقي بها

وبها عروقي قد تصيرُ أسارى

لا عاصماً منّي سوى أنّي لها

أهوى وإنّي من حطمْتُ النارا

جمري يمارسُ في ضلوعي عرسه

ولشهوةِ الإحراق صرت مدارا

أنا عاشقٌ نبضي يقول حبيبتي

وأنا بي النبضات صِرْنَ كِثارا

أنا مغرمٌ آهاتُ دفق أضالعي

تحكي إلي وتنشر الأخبارا

سأعلِّم العشَّاقَ كيف يمارسوا

حقَّ الجنون ويُتقنوا الأدوارا

وأعلِّم النسوان كيف يطوِّعوا

روح الرجالِ واكشف الأسرارا

سأعيد أزمنة الضياع مع الغضا

وأعيد للتوبادِ حباً غارا

وأعيد للركبان صوتَ جلاجلٍ

للبيد في ركب التوجع سارا

لا ساترا من كل أوبئة الهوى

إلا هواي يعانق النوارا

أنا من كسرت الصمت في ألوانه

وحبست في صدري الدمار دمارا

وحملت تابوت العبير متوّجا

ومزجت آهاتي بها إيثارا

هيأت أضلاع الندى لمواسمي

ومشيت أرجو بالهوى الإبحارا

ولممت أوراقي وعدت لمكتبي

وخيالها حولي يدور مثارا

أنا قد وعدت البحر أغرق موجه

بمحابري وأعاند التيّارا

متصوِّف بالحب أعشق وصلها

لأصير في شرع الجنون مزارا

من ألف عام قد خلت مترهب

قلبي بها . ويغازل الأزهارا

في مقلتيها لو نظرت رأيتني

أملي العيون وأصنع الأقدارا

لا ساترا من نار أشواقي لها

إلا خيالاً عتَّقَ الأمطارا

أنثى السراب تدقّ باب توجعي

لتحيلني بفم الزمان نُثارا

أنا قد صدقت الحب هيَّأني دمي

لأكونَ نذرا للجنونِ ودارا

وحدي أسامرُ في الخيال وحيدة

ذاقت من الألم المريع مَرارا

يا شهقتي خطي بدفتر ليلتي

إنّي رسمت إلى هواك مسارا

كوني عبيري في مشاتل حسرتي

وتلملمي بين العيون منارا

كوني احتراقي وانطفاء مجامري

حتى أجوبَ بحبِّكِ الأقطارا